الأستاذ حفيظ
عدد المساهمات : 108 نقاط : 332 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 15/06/2011 العمر : 42
| موضوع: محنة الأمة بين ثقافة الإنبطاح وثقافة الإصلاح . الأربعاء نوفمبر 02, 2011 7:20 pm | |
| [size=24]
محنة الأمة بين ثقافة الإنبطاح وثقافة الإصلاح
منذ توقفّت حركة العقل العربي والإسلامي عن الإجتهاد وصناعة الرؤية النظريّة و الواقعيّة في كل المجالات للأسباب التاريخية والفكرية و الحضارية التي ليس هذا مجالها والتذبذب والإضطراب هو سيّد الموقف حتى في أشدّ مراحلنا صعوبة و تعقيدا . والجدل البيزنطي الدائر اليوم بين جمهرة المثقفين العرب حول ضرورة الإستعانة بالغرب للتخلص من الطغاة المحليين الذين أنتجهم الغرب نفسه ولبناء النهضة المرتقبة أو عدم الإستعانة بالغرب الذي لا يختلف عن الطاغية المحلي إلاّ في زرقة عيونه وجمال ملابسه يشبه إلى حد كبير النقاش الذي كان دائرا بين علماء الكلام في العصر العباسي وغيره من العصور حول خلق القرآن أو قدمه وأزليته والذي عندما إشتدّ هذا الخلاف تسللّ المغول إلى مواقعنا ودكدكوها عن بكرة أبيها , ونفس النقاش كان دائرا بين جمهرة المثقفين في العشرينيات و الثلاثينيات من القرن الفارط وفي وقت إكتسحت فيه الحركة الإستعمارية بلادنا وجغرافيتنا و سخن النقاش بين مدافع عن الغرب كمخلّص وناقم عليه كسالب إرادة و موارد , و قد رحبّ العديد من التنويريين و الحداثيين تاريخئذ بالحركة الإستعمارية وهللوا لها بل وأعتبروها ضرورة إستراتيجية لإخراج أمة محمد من الجهل وهي التي أول رسالة تلقتها من السماء ... إقرأ بإسم ربك الذي خلق .... وأعتبر الأديب المصري طه حسين أن لا خلاص للبلاد العربية إلاّ بتقليد الغرب حذو القدّة بالقدّة و السطر بالسطر .. وقد دفعت الغيرة عبّاس محمود العقّاد أن يؤلف عبقرية محمد وعبقرية علي وعمر وبقيّة الصحابة عندما راح جموع من المثقفين يتشدقون بديكارت ونيتشه وسبينوزا ودور كايم وغيرهم .. وقد إمتدّ العمر بهؤلاء الحداثيين وهم يرون أنّ الحركة الإستعماريّة نخرت واقعنا السياسي والثقافي والصناعي والأمني و الفكري و البيئي ولم تترك الحركة الإستعمارية مساحة معينة إلاّ و عفنتها وألحقت بها داء الكساح , بل إنّ فرنسا الإستعمارية عندما غادرت الجزائر مكرهة بفعل ثورة المليون ونصف المليون شهيد جزائري سرقت أموال خزينة الدولة الجزائرية ولم تبق أي فرنك فرنسي في خزائن البنوك و دمرّت كل الجرارّات الزراعية و ألحقت الأضرار الكبيرة بكل البنى التحتية بل سرقت حتى الأرشيف الجزائري والمخطوطات التي تتناول تاريخ الجزائر في العهود الأمازيغية والإسلامية و العثمانية , ولم تعمل أي حركة إستعمارية على بناء نهضة يشار إليها بالبنان ولا فرق في ذلك بين الإستعمار الفرانكفوني أو الإستعمار الإنجلوسكسوني أو الإسباني اللاتيني فكل هذه الحركات الإستعمارية ألحقت أكبر الأضرار بالإنسان والبنيان ولعلّ من أسباب النكسة المتشعبة التي يحياها الوطن العربي بالإضافة إلى حالة الإستبداد والعسكريتاريا هو الحركة الإستعمارية التي هللّ لها الحداثيّون والتنويريون و المتمدنون والمتعصرنون ورغم إنسلاخ العالم العربي عن الحركة الإستعمارية إلاّ أنّ هذه الحركة الإستعمارية وقبل رحيلها تحالفت إمّا مع عوائل بدوية أو رجال العسكر وسلمتهم مقاليد الأمور لتحتفظ هذه الحركة الإستعمارية لنفسها بأكبر النفوذ في هذه الجغرافيا الإسلامية وتلك . و في الزمن الأمريكي راح ما بعد الحداثيين يهللون للإحتلال الأمريكي معتبرين إيّاه المدخل الأساس بإتجاه الخلاص و التطهّر من نجس الإستبداد والديكتاتورية والعسكريتاريا و مدخلا بإتجاه إعادة البناء الحضاري , و في يوم من الأيام جمعني لقاء في برنامج الإتجاه المعاكس الذي تبثّه قناة الجزيرة في قطر مع مستشار الأمن القومي العراقي الحالي موفق الربيعي فقال لي قبل دخولنا إلى الأستوديو في لندن ونحن نحتسي القهوة أنّ الشرع الإسلامي يجيز الإستعانة بأمريكا فهي بمثابة الطائرة التي تقرّب المسافات و توصلنا إلى حيث نريد , فقلت له يا موفّق لكن هذه الطائرات ستحرق اليابس والأخضر وتقتل الأبرياء والمدنيين , فقال لي : فليكن المهم أننا سنصل , وبالفعل لقد وصل إلى منصب مستشار الأمن القومي كغونداليزا رايس تماما ويخشى أن يصبح زواج المتعة العراقي الأمريكي الذي أشرف عليه بعض العراقيين أن يصير زواج دائم ولات حين مناص . لقد أراد لنا ما بعد الحداثيين أن ننبطح لأنّ الزمن اليوم زمن أمريكي واللغة السائدة أنجليزيّة بإمتياز .
و إذا كانت الحركة الإستعمارية الغربيّة والحركة الإستعمارية الأمريكيّة مكشوفة وواضحة الأهداف فإنّ ما لم يتكشّف بعد هم دعاة الإنبطاح والإنسلاخ و الركوع الذين يتجلببون رداء التقوى مبدين حرصهم وخوفهم على هذه الأمة والتي سلموا رقبتها للسكين الأمريكي لتعمل فيها ذبحا وسلخا و نحرا , ثمّ يقولون إنّ أمريكا خيرّة كالطائرة توصلنا إلى أهدافنا بسهولة , إنّه منطق المنبطحين و المنسلخين و المتأمركين ! و مقابل هؤلاء يوجد طبقة مثقفة ترى أنّ الإصلاح يجب أن يكون من الداخل وأنّ النهضة ما لم تبن بسواعد أبناء الوطن و برؤيتهم الإستراتيجية و النهضوية ليست بنهضة على الإطلاق , وترى هذه الطبقة أنّ الإستعمار شرّ كلّه لا خير فيه مطلقا قديمه وراهنه فهو يتحرك وفق إيقاع مصالحه الإستراتيجية و العابرة للقارات و تسليم الإرادة لهذا الإستعمار هو بمثابة الخيانة العظمى وشرّ مثال على ذلك ما قاله وزير الداخلية العراقي المقال نوري البدران عندما قال طلبني بريمر الحاكم بأمر بوش في العراق و طلب مني أن أستقيل فقلت له : يا سيدي هل قصّرت في شيئ , فقال لي من أجل التوازن يجب أن تستقيل , فقلت له كما قال البدران : سمعا وطاعة سيدي , فأي نهضة وأي دولة هذه التي يتلقى فيها موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي أوامره من كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي و نوري البدران يتلقى أوامره من بريمر ! يا ترى هل بريمر و كونداليزا من بني يعرب ونحن لا نعرف ذلك , وهل يتحققّ الإتحّاد بأمريكا بحيث تصبح كونداليزا الربيعي ورايس الموفقة رمزا للمرحلة العربية كما الأمريكية الراهنة , سؤال برسم كل المنبطحين ! !
[/size] | |
|