هل شريكة الحياة اختيار من العبد أو قضاء من الله؟الجواب: الحمد لله يجب أن نعلم ابتداء أنه لا تعارض بين إيماننا بتقدير الله لكل شئ وإيماننا بأنه سبحانه أعطانامشيئة وإرادة نتمكّن بها من فعل الأشياء ، قال تعالى مثبتا مشيئة العباد : (لمنشاء منكم أن يستقيم ) ، ومشيئتنا وإرادتنا هي ضمن مشيئة الله لا تخرج عنها كما قالتعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) وعليه فلا يصح ضرب هذا بهذا ولا يجوز نفيهذا ولا هذا لأنّ الله أثبتهما جميعا فأثبت للعبد قدرة واختيارا وأثبت مشيئتهسبحانه التي لا يخرج عنها شيء ، وإذا طبّقنا هذا على ما ورد في السؤال فإننا نؤمنأنّ للعبد مشيئة يمكنه من خلالها أن يختار من يريد من النساء ليتزوجها ومهما حصلمن اختيار العبد فإنّه مكتوب عند الله ، وهذه الإرادة من العبد والاختيار والمشيئةسبب لحصول مقصوده وتحقيق مطلوبه يتوصّل من خلالها إلى ما يريد ، وقد تقوم موانعتحول بين العبد وبين الوصول لمطلوبه ومراده فيعلم العبد أنّ الله لم يقدّّر له ماأراد لحكمة يعلمها سبحانه وكلّ أفعاله سبحانه خير ، والعبد لا يعلم الغيب ولامآلات الأمور وقد يتأسّف على فوات شيء والخير في فواته ، وقد يكره وقوع شيء والخيرفي وقوعه كما قال سبحانه (وَعَسَى أَنْتَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَشَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ(216) سورة البقرة وصلىالله على نبينا محمد . الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com) هل الفتاة التي يتقدم لها الكثير من العرسان وترفضهم بدون تفكير هل من الممكن أن يكونفيهم الشخص الذي هو نصيبها المكتوب لها عند الله، وبسبب رفضها ضاع منها نصيبهاالذي حدده لها الله؟الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فكل ما قدره الله وكتبهللعبد لا بد أن يقع، فلا راد لقضائه سبحانه، ولا معقب لحكمه، فإذا كان سبحانه قدرلك الزواج من شخص، فسيقع ما قدره سبحانه حتما، ولا يستطيع أحد رده. ولكن لا بد منالتنبه إلى أن الله سبحانه قدر الأشياء بأسبابها التي توصل إليها، فإذا قدر علىسبيل المثال إنبات الأرض قدر أسباب ذلك من بذر الحب وحرث الأرض ونزول المطر ونحوهمما يتوقف إنبات الأرض عليه، ولا تنبت بدونه. وإذا قدر سبحانه أن تحمل الزوجة بولد،قدر أسباب ذلك، من زواج وجماع.. الخ، وإذا قدر لك الزواج قدر أسباب ذلك، من اهتمامبالخاطبين، وتفكير جدي في الزواج، ونحو ذلك. وبالجملة، فكل ما قدره الله من أحوالالعباد وعواقبهم، فإنما قدره بأسباب يسوق بها المقادير، والله خالق الأسبابوالمسببات، وإذا عرفت هذا، عرفت أن الزواج مقدر بأسبابه، وليس مقدرا بلا سبب،وكذلك العنوسة وعدم الزواج قدره بأسبابه التي منها رفض الخاطبين بدون تفكير، وكلذلك بقدر الله -السبب والمسبب- ونحن مأمورون من الله تعالى بالأخذ بالأسباب لتحصيلما ينفعنا ونفع ما يضرنا، فمتى رجوتِ أن تتزوجي دون الأخذ بأسباب ذلك، كنت واهمة،ونسأل الله أن يوفقك ويشرح صدرك ويقيك نزغات الشيطان. وراجعي لزاما الفتوى رقم:20441، والفتوى رقم: 19045، والفتوى رقم: 20304. والله أعلم. المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيهالزواج من مقدرات الله وهو رزق فما دور العبد في ذلك؟ مع علمي أن الله يقدر ذلك في ميعادووقت محدد عنده ولا دخل للعبد في ذلك. الرجاء الإفادة. أما بعد: فلقد غاب عنذهن الأخ السائل أن الإيمان بالقدر لا يعني التخلي عن الأسباب، بل إن وقوع
المسببات على حسب أسبابها هو من قدر الله تعالى. فمع إيماننا بأن الله بيده كل شيء، وأنه قدرّ كل شيء، فنحن مأمورون من قبل الله بالأخذ
بالأسباب، ونؤمن بأن هذه الأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله.
ويجمع ذلك عبارة ابن تيمية حيث يقول: فالالتفات إلى الأسباب، واعتبارها مؤثرة في المسببات
شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب
المأمور بها قدح في الشرع. ا.هـ مجموع الفتاوى8/528.
ويقول شارح العقيدة الطحاوية: قد يظن بعض الناس أن التوكل ينافي الاكتساب، وتعاطي الأسباب،
وأن الأمور إذا كانت مقدرة فلا حاجة إلى الأسباب، وهذا فاسد، فإن الاكتساب منه
فرض، ومنه مستحب، ومنه مباح، ومنه مكروه، ومنه حرام، وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم أفضل المتوكلين يلبس لأمة الحرب، ويمشي في الأسواق للاكتساب. الطحاوية ص301.
وقال ابن القيم: فلا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى، وإن
تعطيلها يقدح في نفس التوكل، وإن تركها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب
على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا
بد من هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل
العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً. زاد المعاد 3/67.
والحاصل أن تعاطي العبد للأسباب النافعة، سواء في الزواج، أو في الرزق، أو في الدراسة، أو في
العلاج داخل في الإيمان بالقدر، ولا ينافيه، وإنما هو مقتضى من مقتضياته، وبغير
هذا الفهم للقدر تبطل الحكمة، وتتعطل السنن، وتفسد مصالح الناس.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه