إنها جارتي.. في حيي الذي أعيش فيه.. أبوها نحسبه من الصالحين.. لا يترك صلاة في المسجد
البتة.. ابنته في الرابعة والعشرين من عمرها.. فرحت بوظيفتها معلمة وإن كان المكان
بعيد عن بيتها.. كانت تذهب هي ومن معها إلى عملهم في عربة يستقلونها بالأجرة..
يذهبون سويا ويرجعون سويا.
وقبل شهر رمضان لعام 1424هـ فاجأت أهلها بكلام كانت تقوله.. قالت لهم قبل شهر رمضان:
(إذا أنا مت فلا تحزنوا عليّ فإني أحتسب خرجتي هذه للعمل على الله فأنا ُأعلم العلم )..
وكانت تخرج متحجبة متسترة من رأسها إلى أخمص قدميها..
الشيخ: أنا أعرفها.. أنا أرى حجابها رحمها الله..
وقبل موتها.. طلبت من أبيها أن يأخذها لصلاة الجمعة معه فأخذها وكان ذلك في منتصف شهر رمضان..
وبعد الجمعة بيومين .. في يوم الاثنين الخامس عشر من شهر رمضان لعام 1424هـ تخرج من بيتها
صائمة وكان من آخر أعمالها أنها أيقظت إحدى صديقاتها لصلاة الفجر وكانت تتلو
القرآن في العربة التي كانت تستقلها وهي ذاهبة إلى عملها بصوت منخفض وماتت والقرآن
بيدها!.. حصل الحادث المروع وماتت وخرجت من الدنيا على هذه الحال الطيبة..
ماتت في يوم الاثنين من رمضان.. وقد ولدت في يوم الاثنين من رمضان!..
ماتت وقد صلت الفجر.. ولم تنم بعد صلاة الفجر بل تتلو القرآن إلى وقت الدوام..
ماتت وقد دعت إلى الله في ذلك اليوم بأن أيقظت صديقتها إلى الصلاة..
ماتت والقرآن في يدها..
ماتت وهم يخرجونها من العربة .. ويقول الذين أخرجوها: واللـــــــــــه أننا أخرجناها
من العربة ووضعناها في الإسعاف ولم يظهر من جسدها قدر أنملة!!.. فقد كانت مع
تحجبها تلبس السراويل الطويلة تحت لبسها تقول: (لو قدر الله لي الموت لا يراني
أحد، لو قدر الله لي الموت لا يراني أحد) ..
بكى الشيخ حفظه الله وهو يقول:
ماتت كما تتمنى.. كاد أبوها أن يجنّ عليها..لما رآني وقد دخلت أعزيه احتضنني وأمام
الناس بكى وأجهش بالبكاء ورفع صوته وقال: (أبر أولادي بي هذه يا محمد)..
هنيئا لها على القرآن والبر والدعوة والصيام ورمضان.. تموت رحمها الله..